أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

رواية لااصطفي بالحب غيرك الفصل التاسع بقلم فاطمه علي محمد

رواية لااصطفي بالحب غيرك الفصل التاسع بقلم فاطمه علي محمد

رواية لااصطفي بالحب غيرك الفصل التاسع بقلم فاطمه علي محمد

مضى يومان هادئان نسبيًا ما بين تجهيزات "ميان" وعملها على خطتها لإخراج العمل بشكل إبداعي محترف، وتواصل "صافي" المتكرر معها لتهيئة عقلها وزرع بذور خطتها الشيطانية به، وبين عودة "چوليا" إلى منزلها وإخلاء طرفها تمامًا من القضية دون الحاجة إلى الوصول إلى أقسام الشرطة من الأساس فهي مازالت طفلة صغيرة تلهو بتلك التطبيقات الإلكترونية، كذلك عودة "ياسر" الصامت أغلب الوقت والمُقيم بغرفته إلا من تلك المرة الوحيدة التي غادر بها المنزل، ورفضه التام لمواجهة "يامن" بتلك المرحلة، كذلك مواجهة "سومية" التي تتلاشى التواجد معه بذات  الغرفة أو الاقتراب من محيط وجوده ، وبين غضب "يامن" من تلك الحمقاء التي انقادت خلف ممثلة بارعة تلهو بأوتار ضعفها وسذاجتها، وبين مرافقته لصغيره أغلب الوقت والتي قد استقرت حالته الصحية نسبيًا.


*******

بغرفة "آدم"، كان "يامن" يتأمل معالم وجهه التي التهمها قناع الأكسجين بأعين ترقرق بها دمع الاشتياق والأسى لحال هذا الصغير الذي بات يلتهمه الفراش يومًا فيومًا، فقد أصبح وزنه لا يتراوح العشر كيلوجرامات وبات أكثر شحوبًا وذبولًا، ورغم كل هذا فلديه قوة تشبث بالحياة تتخطى حسابات العقل والمنطق، ليتنهد "يامن" بقوة مُحكمًا سيطرته على دمعاته تلك وهو يردد بانكسار مُوجع :

- أنا عارف إني ممكن أكون أناني في حبي ليك بس ده غصب عني والله يا ابني، مش متخيل حياتي من  غيرك ولا هقدر أخد نفسي من غيرك.. أنا لما رجعت لشغلي كان عشانك وعشان أقدر أوفر لك كل حاجة تحتاجها في المرحلة دي.. مش متخيل إني أدخل  هنا وألاقي الأوضة  فاضية .. طب وقتها أحكي همومي ومشاكلي لمين؟ أقول لمين إني قد إيه زعلان من "ياسر" اللي قِسي عليا قوي.. اللي كنت دايمًا بجري عليه وأسامح في حقي عشان أصالحه لكن المرة دي غير، ده حقك انت وده اللي مش هسامح فيه طول عمري.. طب ليه هو  ما اتنازلش مرة واحدة في حياته وجه يعتذر لي ويصالحني وقتها والله كنت هصفى وأكلمه.. بس هو الظاهر عشان اتعود مني إني دايمًا باجي على نفسي وأصالحه حتى لو غلطان، إن ده بقا حق مكتسب ليه.. بُعده عني وجعني قوي رغم أي حاجة عملها أو بيعملها. 


زفر "يامن" زفرات حارة متواصلة حاول بها إجلاء تلك الغصة التي استوطنت حلقه، إلا أن الفشل كان حليفه فتضاعفت مرارة هذه الغصة وتمردت لأجلها دمعاته المتحجرة وهو يردد بوجع يدمي القلب :

- تفتكر هما صح يا "آدم"؟ تفتكر أنا متعلق بأمل كداب وإنك ميـ... 


  أطبق أجفانه بقوة رافضًا لفظ تلك الكلمة التي تنخر روحه وتُحرقها، ليستطرد مُستكملًا ومازال مطبق العينين :

- أنا لو أناني في طلبي من ربنا إنه يشفيك و يحفظك ليا وتفضل جنبي.. أنا والله هبطل أدعيها.. وهدعي ربنا انه يريحك من وجعك ده بأي شكل كان حتى لو كان فيه وجعي وكسرتي..


ورفع أعينه نحو السماء تضرعًا بالدعاء :

- ربي دبر لي فإني لا أحسن التدبير. 


نهض "يامن" من مقعده، مائلًا بجذعه نحو صغيره دامغًا قبلة حانية مودعة على جبينه وهو يردد بيقين :

- استودعتك الله الذي لا تضيع ودائعه.. أنا هسافر كام يوم  يا حبيبي، لأول مرة هبعد عنك فترة متواصلة زي دي ، مش عارف هشوفك تاني ولا لأ، بس بحاول أأقلم  نفسي على الفراق اللي أنا والله ما هقدر اتحمله.


وانتصب بوقفته متنهدًا بقوة وهو يُزيل عبراته الحارقة، ليضغط الزر الجانبي للتخت مستدعيًا " هيلدا" التي أتته على الفور مرددةً بهدوء :

- نعم سيدي. 


تنهد "يامن" بهدوء متجلدًا بقناع الثبات والقوة وهو يستدير نحوها مرددًا :

- أنا هسافر كام يوم  هكون على  اتصال  بيكِ دايمًا لو فيه أي حاجة بلغيني على طول وهكون  عندك مسافة الطريق. 


أومأت "هيلدا" برأسها وهو تردد بابتسامة خفيفة :

- صاحبتك السلامة سيدي. 


**********

بغرفة "ميان"، كان تُغلق حقيبة سفرها بحماس شديد نضح على وجهها فأشعله سعادة ، لتهبطها من أعلى الفراش أرضًا جاذبة مقبضها جارة إياها خلفها وهي تلتقط حقيبة يدها وهاتفها الذي تأكدت من إتمام شحنه، لتلج والدتها إلى الغرفة بسعادة غامرة وهي تحمل بين يديها صندوق بلاستيكي متوسط الحجم معبأ ببعض المأكولات والمشروبات هاتفة بحماسة قوية:

- دي سندوتشات وعصاير تكفيكم طول الطريق ولما توصلوا هناك  ابقوا كلوا في الفندق بقا.


 انفرجت ابتسامة "ميان" وهي تشير نحو الصندوق مرددة بدهشة حقيقية :

- ساندوتشات إيه دي يا ماما اللي عايزاني أخدها معايا؟! 


بتباهٍ اتسعت ابتسامة "ميرڨت"، وبفخر هتفت وهي تحصي الأنواع على أصابع يدها:

- مربى مشمش، مربى جزر، جبنة رومي، جبنه فلامنك، لانشون...


 قاطعتها "ميان" بصدمة وهي تتعلق بيدها لتنكسها أسفل مرددة :

- إيه ده كله يا ماما؟!.. إحنا لو طالعين رحلة مش هتدينا كل ده وبعدين الطيارة فيها أكل والموضوع كله نص ساعة أو أكتر حاجة بسيطة يعني. 


 رفعت "ميرڨت" يد "ميان"  لأعلى ووضعت الصندوق براحتها مرددة بحدة مصطنعة :

- الأكل ده كله يخلص قبل ما توصلوا سيوة كمان الشغل بتاعك عايزاه ياخد جوايز زي الفيلم يعني لازم تركزي وتطلعي حاجة محترمة تليق باسم "ميان العشري".. فاهمة.


حركت "ميان" رأسها لأسفل بجدية وأعادته موضعه بنفس الجدية مرددة بثبات عسكري:

- أوامر سيادتك يا فندم.


ولانت قسماتها لتقترب من رأس والدتها مُقبلة إياه بود كبير مرددة :

- ادعيلي يا ماما.


 حاوطت "ميرڨت" وجه ابنتها براحتيها بحنو ضج بأحداقها وهي تردد بعطف وتضرع:

- ربنا يجعلك في كل خطوة سلامة  يا بنتي ويعلي شأنك ويجبر خاطرك ويرضيكِ ويرضى عنك قادر كريم.


 احتضنت "ميان" والدتها بقوة مستنشقة عبقها الحاني وهي تردد بسعادة :

- ربنا يخليكِ ليا يا ست الكل ويخلي دعواتك الحلوة دي.  


وابتعدت عنها قليلًا مرددة بابتسامة واسعة :

- لازم امشي دلوقتي "يامن" هيعدي ياخدني بالعربية عشان نكمل ترتيبات الشغل مع بعض. 


وضمت صندوق الطعام إلى صدرها جاذبة حقيبة سفرها وغادرت المنزل وسط تلويحات يد "ميرڨت" ودعواتها التي دائمًا ما تُغدقها بها. 


********

بأحد المطاعم الفاخرة، كانت "صافي" ترتشف قهوتها الصباحية بتلذذ كبير متنهدة براحة وهي تردد بانتصار:

- هيسافروا النهارده وإحنا كلها يومين ونحصلهم على هناك، وأهي تكون "ميان" حطت له العقار في القهوة اليومين دول. 

زفرة حارة رافقت تلك الورقة التي أُلقيت أمامها مع ذلك القلم، لتقطب هي جبينها بدهشة مرددة باستنكار جلي: - إيه ده؟! 

استرخى بمقعده وهو يتناول قهوته مرددًا بجدية :

- إيصال أمانة. 

  

- إيه! 

  هتفت بها بقوة وهي تميل بجذعها نحو الطاولة، لتلتقطها بأطراف أناملها وترفعها أمام أعينها التي اتسعت صدمة من حجم هذا الرقم، لتهتف به بصدمة أكبر :

 - إيه الجنان ده؟! مين قال إني همضي على رقم كبير زي ده. 


مط "ياسر" فمه بلامبالاة وهو يزفر زفرة حارة اتبعها بكلمته المتعالية:

 - أنا. 


ألقت "صافي" الورقة والقلم أمامه وهي تبتسم ابتسامة جانبية متهكمة، مرددة بلا مبالاة :

- وأنا  مش همضي واللي إنت عايز تعمله اعمله. 


  وضع فنجان قهوته أعلى سطح الطاولة بهدوء شديد وهو يلتقط إيصال الأمانة بيده ويحدقه بنظرات متهكمة قبل أن يمزقه أشلاء مرددًا بشجن قوي :

- "يامن" أخويا حبيبي اللي ماليش غيره، لو روحت اعتذرت له  دلوقتي هيسامحني على طول وبدل عقار الهلوسة اللي بدلناه  هيكون سم بالبطيء وأنا مصيري  أورثه.


  واستطرد بشجن أقوى رافق دمعاته المزيفة:

- ما هو مالوش غيري بعد ابنه الميت ده ما يتدفن. 


وبلحظات تبدل حاله ليكون أكثر شرًا ووحشية بقسمات وجهه التي لم تقل وحشية عن كلماته :

-  أنا مستني اليوم ده من زمان قوي بس أهو الانتظار ده جه  في صالحي.. ثروته كبرت واتضاعفت و كمان قربت من تمن أصفار.


هتفت "صافي" بصدمة أقوى :

- إيه! قربت من ميت مليون. 


حرك "ياسر" رأسه بتأكيد غير مبالٍ:

- وهتبقى كلها بتاعتي أعتقد إنه أحس بكتير ما يكون لي شريك فيها. 


ضيقت "صافي" عينيها بتفكير عميق، لتردد بتعجب متسائلة :

- طب لما أنت تقدر تاخدها كلها ليه عايزني أكون شريكة معاك فيها؟ 


عقد ساعديه أعلى صدره متنهدًا براحة وهو يردد بشرود :

- ما كنتش عايز ألوث إيدي بدمه وكمان كنت هفضل جنبه وكان هيقدر يعمل غيرهم  على الأقل عشان  يقدر يكمل علاج ابنه، وفي الآخر كنت برضه هاخدهم. 


تضاعفت حيرة "صافي"، لتستطرد مستنكرة :

- ليه بتكرهه بالشكل ده؟!


 أجابها بجمود تمكن من خلايا جسده وكلماته:

- طول عمره الأحسن.. طول عمره الأنجح.. طول عمره الكسبان وبأقل مجهود، من واحنا صغيرين أنا أذاكر طول السنة وهو يلعب كورة ويجي آخر شهر يذاكره هو ينجح، وأنا أسقط.. طول عمره دلوعة أمي الله يرحمها، طول عمرها حنينة عليه بحجة إنه الصغير..أما دلوقتي بقا! أنا أشتغل واجري واتعب واتفق على كل حاجة، وهو يدوب يقف قدام مايك يغني وياخد ملايين الدولارات وبدل حنية أمي ألاقي حنية مراتي أنا عليه، وتكون له أكتر من أخت وبدل  ما تبقى  في صفي ألاقيها بتقارني بيه، وبدل ما أنا أحل مشاكل عيالي، ألاقيه هو اللي بيحلها.

 

- بس كل ده مش مبرر للي بتعمله ده، وبعدين ما أنت كمان طول الوقت اللي فات بتاخد نسبة من عقوده، ده غير اللي انت بتاخده من وراه وهو  ما يعرفش عنه حاجة.


- حقي.

 صرخ بها "ياسر" قبل أن يسترسل بغضب تطايرت له النيران:

- يعني إيه أعمل الشغل ده كله وأخد ١٥٪ بس من قيمة العقد؟


أجابته "صافي" بجدية متهكمة :

- انت فاكر إن الباقي بيدخل جيبه؟


هتف بها "ياسر" وهو يلوح بيده في الهواء :

- عارف إن التزاماته كتير بس محدش ضربه على إيده وخلاه يعمل كل ده، هو اللي اختار بمزاجه. 


ارتجف جسد "صافي" قليلًا، لتعود به للخلف مسترخية بمقعدها وهي تردد بتردد حذر :

- أنا موافقة أكمل معاك. 


  استرخى "ياسر" هو الآخر بمقعده و زفر زفرة حارة متقطعة شاردًا بالفضاء أمامه. 


**********

بسيارة "يامن" التي تُقله إلى المطار، كان بالمقعد الخلفي إلى جوار "ميان" التي أخرجت حاسوبها النقال وفتحته مرددة بجدية وكامل تركيزها منصب على شاشته :

- الاستايليست قدرت توفر كل الملابس اللي هنحتاجها في التصوير، معدات التصوير والإضاءة كلها جاهزة، المساعدين وفريق العمل كله موجود هناك من إمبارح، يعني زمانهم جهزوا كل حاجة، يدوب أروح أشيك على اللوكيشن ونبتدي تصوير من بكرة الصبح إن شاء الله. 


وأدارت شاشة حاسوبها نحوه مرددة بذات الجدية :

- ده ستايل اللبس والحقبة الزمنية اللي هنصور فيها. 


  حدق "يامن" الشاشة بتعجب من هيئة الثياب وطبيعتها، ليهتف مستنكرًا :

- مين بقا اللي هيلبس الهدوم دي؟! 


رفعت أنظارها نحوه وهي تنزع عنها نظارتها الطبية مرددة بحزم :

- حضرتك. 


- مش هيحصل  شوفي عصر تاني نصور فيه.


هتف بها "يامن" وهو يولي وجهه شطر نافذة السيارة الجانبية له. 


دلكت "ميان" أعلى أنفها وهي تسبل أجفانها بسخط بعض الشيء متنهدة قبل أن تفتحهما ثانية قائلة :

- مستر "يامن"  ياريت حضرتك تديني فرصة أعمل شغلي صح طالما إنك وثقت في قدراتي واختارتني للمهمة دي.. وأعتقد إني مش هحب إن حضرتك تخسر فلوسك اللي هتحطها في الشغل ده زي ما أنا كمان مش حابة إني أفشل في أول تجربة حقيقية ليا.. يعني إحنا الاثنين هدفنا واحد وهو التميز والنجاح فياريت تساعدني في كده. 


زفر "يامن" زفرة حارة بوجه ممتعض قبل أن يستدير نحو شاشة الحاسوب مردد بحنق قوي :

- يعني مفيش أي أوبشن تاني خالص؟ 


حركت "ميان" رأسها برفض قطعي مرددة بصرامة :

- مفيش. 

  

دلك "يامن" وجهه بيده وهو يتنهد بقوة مرددًا بيأس واستسلام :

 - أوك. 


انفرجت ابتسامة خفيفة بثغر "ميان" قبل أن تردد بعملية جادة :

- تمام جدًا حضرتك ممكن تقولي ملاحظاتك على طريقة التنفيذ للفكرة، يعني حابب تزود حاجة  أو نحط حاجة مكان حاجة هكون تحت أمرك. 


استدار "يامن" بجذعه نحوها وهو يطالع شاشة الحاسوب مرددًا بجدية تامة:

 - خلينا نشوف. 


  ضغطت "ميان"  زر التشغيل التلقائي للصور، وبدأ "يامن" يُبدي ملاحظاته الطفيفة جدًا فقد كان حقًا عملها متكامل إلى الحد الأبعد، لتأتي صورة تلك الثياب فتنهد "يامن" ببعض الحنق مرددًا بتهكم :

- دول كانوا بيلبسوا.. قصدي ما بيلبسوش كده إزاي؟


التفتت نحوه "ميان" بابتسامة خفيفة محاولة امتصاص توتره هذا وهي تسترسل معه بحديثه :

- أولا دي حضارة عريقة وده ستايل اللبس وقتها، ثانيًا وده الأهم حضرتك هتلبس اللبس ده في كليب واحد بس من عشر كليبات.


اتسعت ابتسامة "يامن"، ليتنهد براحة وهو يهتف مستنكرًا :

- أومال ليه حطالي الصورة دي في وشي؟ 

  

- لازم توافق على الأسوأ عشان ما تتصدمش بيه في أرض الواقع. 

  أردفت بها "ميان" وهي تنتقل إلى ملف آخر به صيحات الثياب المختلفة، لتُديره نحوه ثانية في ذات اللحظة التي رمق بها "يامن" ما أعجبه من ثياب فقدم يده نحو الشاشة مشيرًا إليه، للتلامس الأيدي بعفوية أربكت الأجساد رغم قصر وقتها، لينفض "يامن" يده بقوة مرددًا بجدية : 

- آسف..  ما أقصدش. 


ازدردت "ميان" ريقها بتوتر جلي وهي تغلق الحاسوب مرددة بثبات ظاهري فقط :

- ما حصلش حاجة. 


  وأدارت وجهها تُطالع الطريق من نافذتها، بينما هتف "يامن" بالسائق بقوة  :

 - بالشكل ده الطيارة هتفوتنا. 


أسرع السائق بسيارته وهو يردد بهدوء راقي:

- خمس دقايق ونوصل المطار يا فندم. 

زفر "يامن" بقوة واستدار هو الآخر نحو نافذته يطالع دربه إلا أن انعكاس صورتها بزجاج النافذة هو ما كان له دربًا. 


*********

بمنزل "مُهاب" بولاية نيوچيرسي ، ولج إلى المنزل وحيدًا كغير عادته كما كان متزنًا أيضًا لمرة نادرة الحدوث، ليوصد الباب خلفه بقوة مُحدثًا ضجة قوية وهو يستدير متجهًا نحو أريكته المفضلة ليتسمر جسده بمحله بعدما انتفض بقوة حينما وجد "كيڨين" يحتلها باسترخاء قوي باسطًا كلا ذراعيه على ظهرها وهو يردد بتهكم :

-  ما بك يا رجل.. أرأيت شبحًا ؟!


ازدرد "مُهاب" ريقه بتلعثم قوي وهو يردد:

- كلا.. إنها المفاجأة  فـ "أفيا" ليست بالبيت، إذن كيف ولجت إليه دون ان تُحدث أي خدش بالباب؟


 رفع "كيڨين" ساقه ليضعها فوق الأخرى بتعالٍ وكبرياء ماطًا فمه بلامبالاة صاحبت كلماته :

- لا توجد كلمة صعب أو مستحيل بقاموسي، كما لا  يوجد باب مُغلق بوجهي.


وأشار نحو المقعد المقابل له مرددًا بصيغة الأمر:

- اجلس سيد "مُهاب".


 تحرك "مُهاب" لا إراديًا نحو المقعد المُشار إليه وجلس على طرفه منتصبًا بجسده وهو يحمحم، إلا أن كلمات "كيڨين" الحادة أوقفت حمحمته تلك :

- علمت بأمر مقابلتك لـ "ميشيل"، إذن  متى سنحصل على الأوراق؟


 ازدرد "مُهاب" ريقه بتوتر أكثر وهو يبلل شفته السفلية بلسانه الجاف كجفاف حلقه مرددًا بارتباك جلي:

-  إنا ما حصلت  عليه هو نسخ مصورة من الأصول، فالسيدة "ميشيل" ليست بالسذاجة أن تُعطيني أصول عقود ملكيتها لنصف أملاك  "كيڨين سميث".


 انتفض "كيڨين" بمجلسه، وانتصب بجذعه مُشهرًا سبابته نحو "مُهاب" وهو يصرخ به :

- لا يعنيني كل هذا الهراء، فلابد أن أحصل على الأصول قبل جلسة المحكمة التي قدمت موعدها وصارت بعد يومين على الأكثر.


 هتف "مُهاب" بصدمة صرخت بها قسماته:

- يومين على الأكثر!  كيف هذا؟! فأنا لم أتسلم إخطار بهذا الأمر. 

 

- وها أنا ذا أُخطرك، فأسرع بإحضار الأوراق وإلا صغيرك سيسبقك إلى جهنم.

صرخ بها "كيڨين" بكل غضب قبل أن يجاوبه "مُهاب" برجفة بعثرت أحرفه : - وماذا لي أن أفعل؟


استرخى "كيڨين" قليلًا بمجلسه وهو يحك ذقنه بسبابته بتفكير عميق حتى أردف بخبثٍ قوي:

- أخبرها أن توقيعي على كافة العقود مزيف حتى وإن سألتني في هذا فسأؤكد لها الأمر. 


ضيق "مُهاب" عيناه بشك مرددًا: - أحقًا مزيفة؟ 

- هذا الأمر لا يعنيك، كل ما عليك  هو إخبارها بهذا وهي ستركض إليّ بالعقود لتتأكد، وبعدها ستطلب منك أن ترفع قضية تزوير بأصول المستندات.... وهنا. 


  أردف بها "كيڨين" قبل أن ينهض من مقعده مستقيمًا بوقفته، لينهض "مُهاب" هو الآخر منتظرًا كلمات "كيڨين" الأخيرة، وقد كانت :

- "ميشيل" كانت بالذكاء الكافي لتختارك لتلك القضية، فهي تعلم نقطة ضعفك جيدًا وجميع من ترافقهن هذه الأيام نسائها المخلصات.. توخى الحذر . 


وغادر الشقة متجاهلًا رد "مُهاب" الذي ألقى بجسده في مقعده ثانية وهو يتنهد براحة شديدة مغمغمًا :

- أنا إيه اللي وقعني في الناس دي؟!


*************

بغرفة "چوليا"، كانت تجلس بفراشها إلى جوار شقيقها "يامن" الذي بات يلازمها بكل وقت منذ أن عادت إلى المنزل، لتلج إليهم "سومية" وقد أطربت السعادة قلبها وأرقصته لهذا المشهد نادر الحدوث لتقفز إلى منتصفهم محاوطة كلاهما بذراعيها ومستندة بظهرها على تلك الوسادات الهشة وهي تردد بسعادة :

- وحشتيني يا "چولي".. رغم إني كنت عارفة مكانك إلا إن قلقي عليكِ كان هيموتني.


 حاوطت "چوليا" خصر والدتها بذراعيها بقوة للمرة الأولى وهي تستند برأسها على كتفها مرددة بخوف رافق كلماتها:

- بعد الشر عنك يا مامي والله ما أقدر أعيش يوم واحد من غيرك.


 ورفعت أنظارها نحو "يامن" مستطردة بمشاكسة :

- ولا حتى "يامن" قلب مامي.


 استند "يامن" برأسه هو الآخر على كتف "سومية" وهو يلكم شقيقته بكتفها هاتفًا بتذمر طفولي :

- بطلي رخامة بقا.


 لكمته "چوليا" هي الأخرى بكتفه هاتفة بمشاكسة :

- بكذب يعني؟

 

كاد "يامن" أن يُعيد الكرّة إلا أن يد "سومية" كانت حائلًا بينه وبين هذا وهي تهتف بحنق ساخط :

- كفاية... انتوا لو أطفال مش هتعملوا كده.


هتف "يامن" بسخط وهو يرمق شقيقته بضيق:

- هي اللي ابتدت يا ماما. 


- خلاص يا "يامن" انت العاقل يا حبيبي، طول عمرنا عارفين إنها طايشة ومجنونة 

أردفت بها "سومية" بهدوء قبل أن تهتف "چوليا" بحنق مستنكرة:

- أنا طايشة يا مامي؟! أنا! 


دفعتهم "سومية" عنها بقوة وهي تهتف باستسلام :

- لا أنا .. أنا اللي طايشة وستين طايشة  وكمان أنا غلطانة إني جيت أطمن عليكم  ابعدوا كده. 


 تشبث "يامن" و "چوليا" بذراعي "سومية"  بقوة وهما يهتفان بأسف قوي:

- خلاص يا مامي إحنا أسفين والله مش هنعمل حاجة تاني.

 

واستطردت "چوليا" بسعادة :

- وبعدين أنا عايزة أحكيلك عن تيتا "ميرڨت" وطنط "ميان" وقد إيه هما ناس طيبين قوي. 


استقرت "سومية" بجلستها وهي ترسم معالم اللامبالاة على وجهها، لتسترسل "چوليا" بالحديث بسعادة غامرة:

- عمو بابا طنط "ميان"  إتوفى وهي صغيرة خالص، وتيتا "ميرڨت" ربتها لوحدها وعلمتها لحد ما دخلت معهد فنون مسرحية بس للأسف ما اشتغلتش بيه واتجوزت وسافرت وعندها "چاد" أربع سنين بس هو هناك في أمريكا مع باباه وهي هنا في زيارة لمامتها.. دي كل الحكاية بقا.


 عقدت "سومية" جبينها بدهشة واستنكار وهي تهمهم بخفوت :

- زيارة إيه دي اللي تشتغل فيها مع "يامن" استحالة طبعًا.. أكيد الموضوع ده فيه إنّا أو ممكن تكون مُطلقة مثلًا ومش حابيين يعرفوا حد.. لازم أجيب قرار الموضوع ده.


 لتخرجها "چوليا" من حديثها هذا وهي تلكزها برفق مرددة بتعجب :

-  إنتِ بتقولي إيه يا مامي؟

 

حركت "سومية" رأسها بنفي مرددة :

- مفيش حاجة يا قلب مامي أنا هقوم أشوف الأكل جهز ولا لسه.


ليهتف بها "يامن" باستجداء : 

- اسكالوب يا مامي بليز.


 اومأت له برأسها وهي تهتف بسعادة :

- أكيد يا حبيبي.. صحيح أنا رايحة بيت عمو "يامن" اطمن على "آدم" لأن عمو مسافر في شغل كام يوم.


 ركضت "چوليا" نحو هاتفها لا إراديًا وهي تردد بشغف لم ينضب بعد :

 - أكيد نزل صور على إنستجرام.


 حدقتها "سومية" بلوم وعتاب لم تستشعره "چوليا"، ليهتف بها شقيقها بحنق جلي:

- برضه ما حرمتيش يا "چوليا".


 رفعت أنظارها نحوه تنهره بقوة ، لتقاطعها   نظرات والدتها العاتبة قبل أن تغادر الغرفة تاركة لها حرية الاختيار.


تنهدت "چوليا" بألم حينما تذكرت ما ألمّ بها، لتلقي هاتفها أعلى سطح المكتب وهي تردد بندم شديد :

- أنا أسفة لسه ما اتعوتش بس خلاص والله يا "يامن".


رمقها "يامن" بعتاب هو الآخر، وغادر الغرفة متبعًا والدته، لتركض خلفهما هي الأخرى محاولة خطب ودهما ومصالحتهما.


*******

بمدخل فندق أدرير أميلال ( Adrَere Amellal) أو الجبل الأبيض، وهو فندق ذو أربعون غرفة بنيّ على طراز المنازل السيوية التقليدية، بنيت حوائطه من حجر الكرشيف المكون من الملح الصخري والرمال الناعمة المختلطة بالطين، فيما صنعت الأبواب والنوافذ من خشب أشجار النخيل لتمتص درجات الحرارة نهارًا، وتبثها ليلًا لنشر الدفيء بالمكان ، كما توجد به الكثير من  أشجار النخيل التي تمنح الظل للساحة الخارجية للفندق، وتحيط به سبعة بحيرات ملحية والكثير من أشجار الزيتون. 


ولج "يامن" مشدوهًا بروعة المكان وقد بدأت أحداقه تزوغ بكل إنش به تفترسه بانبهار شديد وهو يتشبث بذراع حقيبته الجانبية  متمتمًا بإعجاب قوي:

- المكان تحفة رغم بساطته وبدائيته.. أول مرة أعرف إن في مصر مكان بالجمال ده. 


كانت "ميان" تستكشف المكان بأعين أقل انبهار ودهشة فتلك زيارتها الثانية له، إلا أن فاهها الفاغر لم يتوقف عن ابداء دهشته بكلمات ثناء وإعجاب :

- بلدنا فيها حاجات حلوة كتير يمكن أحسن من بره مليون مرة.. والفندق ده بالتحديد عمره ما فشل إنه  يبهرني، ده غير إنه مصنف من ضمن أغرب عشر فنادق في العالم، حتي الأمير "تشارلز" وزوجته  "كاميلا" لهم جناح مخصوص هنا. 


  التفت "يامن" نحوها بأعين ضيقة وهو يهتف بدهشة وتعجب : 

- ولي عهد بريطانيا؟! 


وضعت "ميان" منطارها الشمسي أعلى رأسها ململمة بها خصلاتها المتمردة، وهي تردد بفخر وتباهٍ:

- مش هو بس.. سفراء لدول كتير جدًا بيجوا هنا للاستجمام والاستشفاء.. سيوة حتة من الجنة وده رأي كل حد جاها. 


ليأتيهم  مدير الفندق الخمسيني ذو الزي السيوي التقليدي، بمعالم وجهه التي عكست طبيعة الحياة البدوية الصعبة بحدتها وقوتها واسمرار بشرتها راسمًا ابتسامة حافية واسعة مرددًا :

- أهلًا وسهلًا بكم... أنارتوا الفندق. تفضلوا معي لاستلام غرفكم، من الضروري إخباركم أنه يحذر عليكم استخدام الهواتف الخلوية. 


اتسعت عينا "يامن" صدمة وهو يردد مستنكرًا :

- موبايل إيه ده اللي ممنوع استخدمه؟! مستحيل طبعًا. 


أجابه المدير بابتسامته الودودة:

- الفندق هنا صديق للبيئة، فلا نسمح بأي ملوث خارجي يؤثر على نزلائنا، فلا مؤثرات الكترونية ولا حتى كهربائية. 


اشتعل "يامن" غضبًا وقبض على رسغ "ميان" يجذبها للخارج هاتفًا بعصبية مفرطة :

- وإحنا مش هننزل في الفندق هنا. 


رمقته "ميان" بنظرات مستجدية غير مدركة لقبضته التي تحاصر رسغها وهي تغمغم  برجاء :

- اهدى يا "يامن"، كل حاجة ولها حل. 


والتفتت نحو المدير مستطردة بابتسامة أكثر ود :

- حضرتك إحنا هنسيب  موبايلاتنا في الغرف طول اليوم، وكمان مش هنستخدمها  غير للضرورة القصوى وفي السر كمان. 


كان "يامن" يرمقهما شزرًا بحنق جلي، ليبادله الرجل ابتسامة أكثر ودًا وهو يردد بتأكيد شديد :

- استخدامها يكون بغرفكم فقط، غير مسموح بالاستخدام الخارجي لها .. تفضلوا معي سأصحبكم إلى الغرف. 


تبعت "ميان" خطى الرجل براحة لتجد ما يُحيل بينها وبين تقدمها، بل ويجذبها للخلف بقوة،  توقفت بمحلها وهي تقطب جبينها بدهشة قبل أن  تستدير مغمغمة باستياء من ذلك الشيء العالق بيدها، لتتسع عيناها صدمة حينما رمقت ذلك الحائل، فلم يكن سوى يده التي مازالت تحاصر رسغها، لتهتف به بحدة بعض الشيء :

- إيدي لو سمحت. 


كان يرمقها بنظرات مستنكرة وهو يحرك رأسه بلامبالاة مرددة :

- مالها؟! 


دنت بأنظارها المشتعلة نحوها، ليتبعها هو الآخر بأنظاره التي اتسعت صدمة من قبضته تلك، ليدفع يدها بعيدًا عنه بقوة هاتفًا باستنكار جلي قبل أن يهرول خلف مدير الفندق :

- إيه اللي إنتِ عاملاه ده؟! 


تضاعفت صدمة "ميان"  من ردة فعله هذه، لتسبل أجفانها وتفتحها عدة مرات متتالية متمتمةً باستنكار قوي:

- اللي انا عاملاه!


وتبعتهما ركضًا حينما تعذرت عليها رؤيتهما وهي تتمتم مستنكرة :

- هو أربعين غرفة أه  بس يتوهوا برضه. 


ولج "يامن" إلى غرفته السيوية الطراز أيضًا بجدرانها الملحية الصخرية، وأثاثها المصنوع من أخشاب النخيل والزيتون، وإضاءتها التي كانت عبارة عن مصابيح زيتية عتيقة، كما كانت أيضًا غرفة "ميان" المجاورة له تنعم بنفس الطراز. 

  

*******

ألقى "يامن" جسده على الفراش ممدًا، ومتوسدًا ذراعيه وهو يرمق سقف الغرفة الذي ارتسمت به يدها المُحاصَرة بقبضته، لينهض منتفضًا وهو يهتف بلوم وعتاب:

- اللي انت بتعمله ده غلط، لازم تفوق وتركز وانت معاها أكتر من كده، دي واحدة غريبة عنك ومتجوزة كمان، وعلاقتك بيها لازم تفضل في إطار الشغل بس.. وبعدين إزاي تعمل كده من غير ما تحس بنفسك؟!  انت هنا في شغل وبس يا "يامن".. أه دي أول مرة تشتغل مع مخرجة ست بس هي بالنسبة لك  زيها زي أي مخرج راجل.. لازم تحط ده في دماغك عشان تقدر تشتغل بتركيز. 


ليعلو أزيز هاتفه بجيب بنطاله، فالتقطه بلهفة مُجيبًا حينما لمح اسم "هيلدا" يُنير شاشته:

- "آدم" كويس؟ 


أتاه صوت "هيلدا" الهادئ :

  -نعم سيدي... "آدم" بخير، فحالته مستقرة حتى الآن، أنا أردت أن اُعطيت التقرير اليومي فحسب. 


تنهد "يامن" براحة وهو يشدد على خصلات رأسه مغمغمًا :

  - أوك "هيلدا".

  

بدأت "هيلدا" تخبره بقياس جميع الوظائف الحيوية لـ "آدم"، فتنهد "يامن" براحة أقوى مرددًا بعرفان:

  - شكرًا "هيلدا"، لو فيه أي حاجة اتصلي فورًا... مضطر أقفل دلوقتي. 


وأنهى إتصاله جالسًا على أحد المقاعد الخشبية يتصفح صور صغيره التي التقطها له على مدار تلك السنوات ليئن قلبه بحنين وإشياق، وتجود أحداقه بعبرات لهفة مبتأسة، وهو يمسد صورة صغيره بأطراف أنامله متنهدًا  بأسى حتى صدح هاتفه ثانية برقم غير مدون اسم صاحبه فأجاب بلا تردد فهذا خطه الشخصي الذي لا يعلمه إلا القليل. لم تنفرج شفتيه بعد محررة حرف واحد، ليأتيه صوت أنثوي مشتاق :

- وحشتني قوي يا "يامن"  مش قادرة أعيش من غيرك، ولا عارفة أعوض اللي عيشته معاك، كنت متهورة لما سيبتك وبعدت عنك، أنا أسفة..حضنك وحشني قوي يا "يامن". 


فارت الدماء بعروقه فرقمه هذا ابتاعه بعدما أخرجها من حياته ولا يعلمه سوى  القليل، إلا أن جُملتها الأخيرة أثارت استنكاره وسخريته، لتتعالى ضحكاته المدوية بالمكان والتي فرضت سيطرتها على كلماته المتقطعة:

 - حضني برضه اللي وحشك؟!


  نضحت كلماتها المندفعة بغضبها المشتعل، ونيرانه المتأججة : 

- تقصد إيه بكلامك ده؟ 


تضاعفت سعادته بوصوله إلى مراده وهو إذلالها الذي استشعره بنبرتها المرتجفة، ليردد بخبث ماكر:

-  أقصد "آدم".. مش عارف ليه دايمًا بتفهمي كلامي غلط بالشكل ده يا "صافي". 


هدأ غضبها وأُخمد ، لتعاود همسها بصوت أكثر إغراء :

 - أسفة فهمت كلامك غلط.


وتنهدت بعشق هامسة :

- أكيد "آدم" وحشني، بس انت وحشتني أكتر بكتير.. انت اللي حبيته يا "يامن" من قبل ما أشوف "آدم"، انت حب عمري اللي خسرته بسبب طيشي وقلة خبرتي، انت اللي قلبي بيرقص بين ضلوعي مجرد ما أسمعك بتنطق اسمي. 


تعالت ضحكات "يامن" الساخرة بقوة وهو يطرح رأسه للخلف مدلكًا عنقه، هاتفًا بتهكم أقوى بكثير :

-  كنتي زمان متهورة ودلوقتي بقيتي خبرة؟


اشتعل غيظ "صافي" نيرانًا، إلا أنها حاولت التجلد بالبرود والثبات، لتردد بنبرتها الدافئة :

- أكيد زي ما انت خبرتك زادت في شغلك، أنا كمان خبرتي زادت في الحياة  وبقيت أقدر أفرق بين الصح والغلط، بين الراجل اللي يوعد وينفذ بجد وبين اللي مش قد كلمته. 


هنا تعالى ترنيم "يامن" لأغنية شهيرة للمطرب "محمد منير":

 - خايف أوعدك ما أوفيش وأقولك فيه تلاقي مفيش.


 وألقى الهاتف أعلى فراشه، لينهض متمايلًا بجسده مع كلمات الأغنية التي تسللت إلى مسامع "ميان" بالغرفة المجاورة له.

دمتم في أمان الله وحفظه


الفصل العاشر من هنا


بداية الروايه من هنا


مجمع الروايات الكامله من هناااا


إللي عاوز يوصله اشعار بتكملة الروايه يعمل إنضمام من هنا


تعليقات